أخبار دولية
سلسلة محاضرات جامعة تافتس
PrintEmail This Page
مارغريت تاتشر: أوروبا والشرق الأوسط- مستقبل الديمقراطية
 

   
   


المكان: جامعة تافتز، بوسطن
المحاضرة: البارونة مارغريت ثاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السّابقة

افتتحت مارغريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السّابقة "سلسلة محاضرات عصام فارس" لسنة 1997 في جامعة تافتز بخطاب مرتجَل في حضور حوالي 3000 شخص من أكاديميّين ومدراء في الجامعة وطلاّب وديبلوماسيّين وسياسيّين ومسؤولين حكوميّين ورجال أعمال بالإضافة إلى ممثّلين لوسائل الإعلام. وكان عصام فارس بصفته عضواً في البرلمان اللّبناني إلتقى البارونة ثاتشر قبل إلقائها الخطاب وتناقش معها خلال نصف ساعة من الوقت في مواضيع مهمّة تخصّ لبنان والشّرق الأوسط.


مقتطفات من خطاب السّيّد فارس::

إنّ السيّدة البارونة ثاتشر هي نصيرة العدل دائماً فهي لا تهادن أو ترضى بالحلول الوسط عندما يكون الأمر متعلّقاً بمبادئها وهي تدافع دائماً عن قناعاتها.

في زمن الاشراكيّة حملت رئيسة الوزراء ثاتشر لواء الاقتصاد الحرّ والسوق المفتوحة والخصخصة. وفي زمن كان يسوده الخوف والحلول الوسط تصرّفت بشجاعة وتكلّمت باسم العالم الحرّ بأسره حتّى أنّ أيّ مسؤول غربي لم يكن يسمح لنفسه باتّخاذ قرارات مهمّة على الصّعيد الدّولي من دون الرّجوع إليها. هذا كان موقع ماغريت ثاتشر وهذا كان تأثيرها.

عندما توجّه إليها لبنان طالباً مساعدتها عام 1983 جاء ردّها ايجابيّاً - أعلنت أنّ لبنان يمكنه كبلد ديموقراطي أن يمثّل دوراً مهمّاً في تعزيز الدّيموقراطيّة في العالم العربي وإذ كان لا يغيب عن ناظرها مستقبل الحرّيّة والدّيموقراطيّة في الشّرق الأوسط دعمت لبنان بكلّ حكمة.

إنّ استقرار لبنان مرتبط على المدى الطّويل باستقرار المنطقة ولا سيّما بالحلّ العادل والشّامل للنّزاع العربي الإسرائيلي. وإذا كانت مسيرة السّلام مهمّة لكلّ دول المنطقة فإنها للبنان ترتدي أهمّيّة خاصّة ذلك أنّ الشكوك والمخاوف ستبقى قائمةً طالما أنّ السّلام الحقيقي لم يُنجَز.

لا يمكن تحقيق السّلام في منطقتنا على مراحل متقطّعة واتّفاقات الصّلح المنفردة بين اسرائيل ومصر من جهة وبين الأردن ومنظّمة التّحرير الفلسطينيّة من جهة أخرى لن تحقّق النتّائج المرجوّة وهي لم تحقّقها فعليّاً على أي حال.

إنّ المنطقة بحاجة إلى سلام يستند إلى المضمون لا إلى الشّكل ولهذا يدأب لبنان جنباً إلى جنب مع سوريا على تحقيق سلام شامل، عادل ودائم. ومسيرة المفاوضات تستدعي التزاماً جدّياً من الولايات المتّحدة ومن بريطانيا على حدّ سواء، ففي عام 1940 تحالفت الولايات المتّحدة مع بريطانيا وربحتا الحرب واليوم تتكرّر الفرصة نفسها إذ يمكنهما أن تتحالفا مجدّداً وتربحا السّلام.

ذاك هو التّحدّي الذي يواجهنا والذي يجب علينا قبوله. فلنتبع إذاً أسلوب ثاتشر: نقرّر، نخطّط، نتصرّف ولا نتراجع.

هذا هو السّلام الّذي يحتاج إليه لبنان.
هذا هو السّلام الذي تحتاج إليه المنطقة.
وهذا هو السّلام الذي يستحقّه العالم.


ملخّص لخطاب السيّدة ثاتشر:

ركّزت السيّدة ثاتشر في خطابها المرتجَل على الفرص والمخاطر التي يواجهها مستقبل الدّيموقراطيّة في الشّرق الأوسط.

استهلّت السيّدة البارونة ثاتشر خطابها بتحيّة لبنان والسيّد فارس الذي منحها فرصة عرض مسألة السّلام الجوهريّة في الشّرق الأوسط. فهي ترى أنّ "مسيرة السّلام تستوجب وجود قادة شجعان مثل السيّد تافتز مؤسّس الجامعة أو مثل السيّد عصام فارس الذي اتّخذ مبادرة إحياء هذه المحاضرات الأكاديميّة السّنويّة أمام جمهور على هذا المستوى من الأهمّية... فالتّاريخ ليس صنيعة الأحداث وحدها بل التّاريخ أيضاً صنيعة أشخاص يقودون هذه الأحداث ويترجمونها إلى وقائع عمليّة".

ثمّ تكلّمت على أهمّيّة الولايات المتحدة في عالم اليوم – كدولة قائمة على قواعد الحرّيّة وحقوق الانسان والدّيموقراطيّة والمُثُل الانسانيّة – وذكّرت الحاضرين بما آلت إليه الأنظمة الديكتاتوريّة والاستبداديّة في بعض الدّول كأوروبا الشّرقيّة وروسيا حيث انهارت أمام سلطة الأنظمة الحرّة والديموقراطيّة القائمة في الولايات المتّحدة وبريطانيا العظمى وأوروبا الغربيّة.

وحول انضمام بريطانيا للمجموعة الأوروبيّة ذكرت السيّدة ثاتشر أنّها ضدّ الاتحاد الأوروبيّة ووحدته النّقديّة لكنّها تدعم دعماً مطلقاً التّعاون والتّنسيق بين البلدان الأوروبيّة.

وإذ وصفت الوضع في الشّرق الأوسط على أنّه مسألة دقيقة جدّاً ومهمّة جدّاً لعالم اليوم قالت: إنّ فلسطين هي مهد ثلاث ديانات موحِّدة – اليهوديّة والمسيحيّة والاسلام – لكنّها أيضاً أرض شهدت إراقة الكثير من الدّماء منذ فجر التّاريخ... إنّ فلسطين بحاجة اليوم إلى جهود جبّارة من قِبَلنا لإحقاق السّلام والطّمأنينة والاستقرار على أرضها.

وأضافت بقولها إنّ منطقة الشّرق الأوسط هي، من جهة أخرى منطقة غنيّة بالنّفط – والنّفط عنصر حيوي في تطوير مستوى المعيشة وتحسين الشّروط الانسانيّة المتردّية ليس في الشّرق فحسب بل في الغرب أيضاً.

وفي تعليق السيّدة ثاتشر على أزمة الخليج عند اجتياح النّظام العراقي الدّيكتاتوري للكويت وتهديده استقرار دول أخرى منتجة للنّفط في المنطقة ذكّرت الأخيرة بلقاء جمعها بالرّئيس جورج بوش في أسبن حيث درسا الوضع بالتّفصيل مع المخاطر النّاجمة عنه وقرّرا باتّفاق مشترك ردّاً عسكريّاً فوريّاً. وفي الوقت الّذي كان فيه مجلس الأمن في الأمم المتّحدة لا يزال يتداول في القرارات التي ينبغي اتّخاذها بشأن احتلال العراق للكويت كانت القوّات الأميركيّة والبريطانيّة تأخذ مواقعها في المنطقة.

"لمواجهة حدث سياسي واستراتيجي من هذا النّوع على القادة اعتماد حكم ومقاربة ديموقراطيَّين وقد حاول الاتحاد الأوروبّيّ إنهاء هذا الوضع الخطر باتّخاذ موقف هجومي بحجم الخطر لكنّه ما لبث أن أدرك أنّه ينقصه هالة القوّة العظمى التي للولايات المتّحدة كما ينقصه قوّة الأخيرة العسكريّة والوحدة والفعاليّة المطلوبتَين لاتّخاذ القرار".

وأعربت ثاتشر عن أسفها لغياب أي تطوّر حقيقي في مجال البحث عن حلّ سلمي لأزمة الشّرق الأوسط كما تساءلت عن كيفيّة التّوصّل إلى السلام إذا كان كلّ فريق لا يحيد عن موفقه حتّى في ما يخصّ أدقّ التّفاصيل ويستمرّ في أخذ مواقع ميدانيّة له. وقالت إنّ صنع السّلام يستلزم شجاعةً ومرونة.

"لا يمكننا التّعويل على مسيرة سلام تدوم إلى ما لا نهاية والمبادرة تستدعي تدخّلاً طارئاً نوعيّاً وكمّيّاً من قِبل الولايات المتّحدة التي هي وحدها قادرة على صنع السّلام المنشود وتطبيقه. ولا يمكن للاتحاد الأوروبّيّ أن يمثّل الدّور الفعّال الّذي للولايات المتّحدة علماً بأنّ له قوّة التأثير إلاّ أنّ فعاليّته تبقى محدودة".

وانتقدت ثاتشر بقوّة التّطرّف الموجود لدى الطّرفين الاسرائيلي والعربي واعتبرته عائقاً جوهريّاً من جملة العوائق التي تعرقل إحلال السّلام. والأمل في المنطقة مرتبط بايجاد ديموقراطيّات غير متنازعة قائمة على احترام حقوق الانسان. ودعت ثاتشر الدّيموقراطيّات العريقة في الولايات المتّحدة وأوروبا الغربيّة إلى المحافظة على تفوّق عسكري وسياسي واقتصادي موضحةً أنّه لو وُجد هذا التفوّق في السّابق لما وقعت الحربان العالميّتان الأولى والثّانية.

لا تؤمن ثاتشر بوجود نظام عالمي جديد فبالنّسبة اليها يوجد في العالم 76 ديموقراطيّة تقودها الولايات المتّحدة وبريطانيا قادرة على تحقيق السّلام العالمي. وأعربت عن أملها في أن تقود الأنظمة العقلانيّة القائمة على أسس دّيموقراطيّة شعوب الشّرق الأوسط، بالحوار، إلى هذا السّلام الذي تنشده منذ أمد بعيد.

وأعربت عن ايمانها بأنّ أوان السّلام قد حان وبأنّ شنّ الحروب لم يعد مسموحاً في عصرنا الحاضر. وعن بلوغ السّلام قالت إنّه مسؤوليّة قادة المنطقة وشعوبها بمساعدة فعّالة من الولايات المتّحدة. وتمنّت أخيراً تعاوناً متواصلاً بين المجموعة الأوروبّيّة والولايات المتّحدة في كفاحها لتأمين السّلام والأمن لكلّ شعوب الشّرق الأوسط.