أخبار دولية
تكريم دولة الرئيس عصام فارس في نيويورك
PrintEmail This Page
جريدة السفير: لمناسبة تكريم عصام فارس في نيويورك لجهوده من أجل سلام لبنان ، مشاريع تنموية في قرى عكار من دون استثمار انتخابي
27 تشرين الأول 2009



جريدة السفير- عكار

عندما تغيب الأجواء الاحتفالية الفولكلورية عن تدشين إنجازات هامة تشهدها عكار، فهذا يعني غياب الاستثمار الانتخابي المتنقل بين كل قرى المنطقة من دون استثناء، والذي يكون عادة وراء ما يقام من مهرجانات احتفالا بأبسط خدمة يتم تحقيقها للمواطنين، وهي في معظمها خدمات يفترض ان تقدمها الدولة اللبنانية من أموال الضرائب والرسوم التي يدفعها أبناء عكار كغيرهم من المناطق اللبنانية، وربما أكثر منهم أحياناً، لكن منطقتهم لا يصل إليها من اهتمامات الدولة إلا الفتات من تلك المشاريع التي تصرف عليها المليارات في مختلف المناطق من دون استثناء. ولهذا فإن الاحتفالات المصطنعة التي ترافق دورة محو أمية هنا أو ترميم قناة مياه هناك تبدو قاصرة عن إقناع أبناء المنطقة بقدرتها على تقديم التنمية المطلوبة...

وهنا تظهر المفارقة كبيرة جداً بين منطقين: منطق يحاول الاستفادة من كل حبة زفت يمكن أن تصل من الدولة إلى عكار في سياق الدعاية الانتخابية، ومنطق يحاول تقديم الفائدة لأبناء عكار من دون استثناء عبر مشاريع التنمية المتنوعة، ومن الحساب الشخصي، من دون استثمار أو دعاية انتخابية، وهذا ما يظهر جلياً في أداء نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس الذي يمتنع عن الترشح للانتخابات النيابية، ويسعى الى توظيف مشاريعه في خدمة التنمية البشرية والاقتصادية والفكرية في منطقته التي سقطت من حسابات الدولة على مر التاريخ ويستثمر حرمانها في «تمويل» المعارك السياسية.

عملياً، نجح عصام فارس في فتح قنوات الاتصال بين أبناء عكار وباقي الوطن، وحمل أيقونة عكار إلى العالم، كما ساهم في توسيع قنوات التواصل بين مختلف القرى التي كانت «محاصرة» بأشباه طرق لا تطمئن الناس إلى سلامة العبور عليها فتقطع السبيل بينها وبين المعرفة التي ذهب أبناؤها بحثاً عنها فما وجدوا للعودة طريقاً.

وقد أدرك عصام فارس تلك الحقائق، فكانت أولى مساهماته في إحضار المعرفة إلى عكار، عبر دعم المدرسة الرسمية وتعزيز المدارس الخاصة، من خلال ترميم المباني وتزويدها بالتجهيزات المكتبية والإدارية والمعلوماتية، فضلاً عن إنشاء العديد من المكتبات العامة، إضافة إلى تقديم المنح المدرسية لآلاف الطلاب على مدى سنوات. وقد ساهم في أبنية تابعة للمدرسة الوطنية الأرثوذكسية في الشيخ طابا ومدرسة عصام فارس التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في عكار العتيقة ومبنى القسم الثانوي لمدرسة داوود كرم في الكورة وقاعة المحاضرات الرئيسية لمدرسة الانترناشيونال كولدج في بيروت، ومركز لدار المعلمين في بلدة حرار في عكار. وانتقل بعد ذلك للمساهمة في الجامعات الخاصة وليقدم مئات المنح الجامعية خارج عكار حيث تولى على نفقته بناء مبنى كلية الآداب والعلوم الإنسانية و«فوروم» عصام فارس في جامعة البلمند في الكورة، وكذلك قاعة المحاضرات لكلية الطب وبهو مبنى الإدارة العامة في الجامعة الأميركية في بيروت، وأيضاً مبنى كلية الهندسة المعمارية والفنون الجميلة في جامعة سيدة اللويزة، ومركز عصام فارس للتكنولوجيا في الجامعة الأنطونية وقاعة محاضرات في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية في طرابلس.

لكن كل ذلك لم يحقق طموحات فارس الأساسية في نقل المعرفة والتعليم العالي إلى عكار، فنال أخيراً ما يصبو إليه من خلال إطلاق أول مشروع لافتتاح جامعة في عكار عبر معهد عصام فارس للتكنولوجيا التابع لجامعة البلمند والذي باشر بإنشاء مبانيه الثلاثة على مساحة مئة ألف متر مربع من أراضي بلدتي بينو والشيخ زناد تبرّع بها فارس، وهي مبان ستخصص للدراسة في برامج تكنولوجيا الهندسة وتكنولوجيا إدارة الأعمال وتكنولوجيا الكومبيوتر والزراعة وهندسة الطيران التي يعول فارس عليها كثيراً نظراً لوجود مطار الرئيس رينيه معوض في القليعات، الذي يمكن استخدام بعض أقسامه بالتعاون مع الدولة اللبنانية.

كما كان سباقاً في ترميم سوق البازركان في طرابلس وفي إنشاء العديد من المراكز الثقافية والمكتبات في كل من بلدات سير في الضنية وقاعة مسرح في بينو ورحبه في عكار ومكتبة في كفرحاتا ـ زغرتا ومركز رياضي اجتماعي تابع لبيت الزكاة في منطقة أبي سمراء في طرابلس. أما في المجال الصحي فأنشأ مستوصفاً في بينو وآخر في تلعباس غربي في عكار وقاعة ومسبح عصام فارس للعلاج الفيزيائي في مجمع نبيه بري في الصرفند ـ الجنوب.

لكن، وبما أن للتنمية وجوهاً مختلفة، خصوصاً في ظل ضرورة دعم الجهود المحلية في سياق تعزيز اللامركزية الإدارية، نجح فارس في تحويل قضاء عكار إلى محافظة بالتعاون مع نواب المنطقة، وكاد ينجح في استصدار المراسيم التنظيمية لها لولا التطورات التي شهدها لبنان منذ العام 2005، لكنه كان قد جهز الأرضية الأساسية لتقوم البلديات بدور فاعل في التنمية المحلية، فقدم دعماً على مختلف المستويات للمشاريع البلدية ولتطوير قدراتها وإمكاناتها، فضلاً عن قيامه بإنشاء مبان بلدية لقرى: بينو ـ قبولا، رحبه، حلبا، تلعباس غربي، تل بيرة، بقرزلا، جبرايل ومشتى حسن، ومقرّ اتحاد بلديات الجومة، فضلاً عن ترميم مبنى بلدية بزبينا ومبنى بلدية فنيدق.

كما ساهم فارس في ترميم قنوات الري الزراعي وشق الطرق الزراعية وبناء البرادات الزراعية، إضافة إلى إقامة دورات الإرشاد الزراعي ومساعدة المزارعين على تجاوز الكثير من الصعوبات التي تصيب مواسمهم.

أما على صعيد الطرقات، فإن فارس عمل على تأهيل العديد من الطرقات الداخلية في القرى العكارية وتعبيدها وشق طرق جديدة إضافية، إلا أن أهم مشروعين قام بهما على هذا الصعيد كانا طريق تلعباس التي كانت معاناة المواطنين عليها مزمنة، في حين أن ما يمكن أن يطلق عليه بالإنجاز التاريخي هو تحويل طريق منطقة الجومة إلى أوتوستراد عالي المواصفات يبدأ من بلدة حلبا عاصمة عكار ويمر بقرية الشيخ طابا وجبرايل والشيخ زناد وعيات وتكريت وبيت ملات نحو عكار العتيقة وبزبينا ونحو العيون وصولاً إلى بينو.
ثمة الكثير مما لم يذكر من مساهمات عصام فارس في مختلف القطاعات في عكار، وهي مشاريع لم تلغ دوره في تقديم صورة مشرقة عن لبنان في العالم قاطبة استحق عليها الكثير من الأوسمة والميداليات من مختلف الدول والهيئات الدولية.

وفيما يتنقل التكريم الذي يناله فارس من عاصمة إلى أخرى، والتي سيكون على موعد يوم 28 تشرين الثاني الجاري في نيويورك مع واحد من أبرزها حيث تقيم مؤسسة كريزس غروب الأميركية (Crisis Group) الناشطة في حل الأزمات والمعضلات الدولية في القارات الخمس، احتفالاً لتكريم عصام فارس تقديراً لجهوده من أجل إحقاق السلام في لبنان والعالم، مع كل من الرئيسين الأميركيين السابقين جورج بوش الأب وبيل كلينتون. فان المفارقة تكمن في غياب لبنان الرسمي عن مواكبة تكريم فارس باعتباره يمثل الاعتدال اللبناني في العالم...