أخبار دولية
تكريم دولة الرئيس عصام فارس في نيويورك
PrintEmail This Page
النهار: في الحروب ما يكفي من الهمجية والتخلّف". المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات كرّمت بوش وكلينتون وعصام فارس
30 تشرين الأول 2009


                                                    عصام فارس متسلماً جائزة المجموعة الدولية
  فارس وزوجته السيدة هلا                 لمعالجة الأزمات من توماس بيكرينغ

 
الرئيس كلينتون والنائب السابق لرئيس الوزراء
اللبناني عصام فارس


نيويورك - من هشام ملحم


كرمت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات International Crisis Group وهي من اهم المنظمات الدولية التي تعنى بمنع نشوب النزاعات في العالم وتسعى الى تقديم التوصيات في شأن حلها سلميا، مساء اول من امس، نائب رئيس الوزراء السابق عصام فارس ورئيسين اميركيين سابقين هما جورج بوش الاب وبيل كلينتون، وذلك تقديرا منها لمساهمتهم في السعي الى تحقيق السلام في لبنان والمنطقة، ودعم القيم والمؤسسات الديموقراطية والتمكين والتنمية الاقتصادية. واظهرت كلمات المحتفى بهم قدم مساهمتهم في دعم نشاط هذه المنظمة، والعلاقة الوثيقة التي تربطهم، واستمرار اهتمامهم بتحقيق السلام في المنطقة.

وتحدث عصام فارس عن تجربته كلبناني مع الحرب وفظاعاتها، ودعا الى دعم المجموعة الدولية لتحقيق سياستها الهادفة الى الغاء الحروب من سجلات التاريخ.

وتناول جورج بوش الاب الدور المهم الذي تضطلع به المجموعة الدولية من طريق توصياتها المتوازنة والصادقة لحل النزاعات.
اما بيل كلينتون الذي كان خطابه الاطول والاكثر شخصانية وظرافة، فابرز الدور الاميركي الذي لا يمكن الاستغناء عنه لحل النزاع العربي – الاسرائيلي، واثنى على الدور الاقتصادي والتنموي الذي يقوم به اللبنانيون والفلسطينيون وذلك الذي يمكن ان يقوموا به في المستقبل اذا تحقق السلام. وقال ضاحكا: "كل فلسطيني اعرفه هو اما مليونير اما استاذ محاضر في جامعة".

وفي السنوات الاخيرة نشرت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات دراسات عدة قومت فيها المشاكل والتحديات الامنية والنزاعات المستعرة في المنطقة، اتسمت بجديتها وشموليتها وتوصياتها المحددة لجميع الاطراف المعنيين مباشرة بهذه النزاعات ومنهم الولايات المتحدة عن افضل السبل لحل هذه النزاعات سلميا. وشملت دراساتها الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، وحربي العراق وافغانستان، و"حزب الله" وحركة المقاومة الاسلامية "حماس" وغيرها. وتأسست هذه المنظمة الدولية المستقلة والتي لا تبغي الربح في 1995 بمبادرة من مارك مالوك براون النائب السابق للبنك الدولي، ومورتون ابرامويتز الديبلوماسي الاميركي المتقاعد، وفريد كوني الاختصاصي في شؤون الاغاثة الدولية الذي اختفى لاحقا في الشيشان.

وحضر الاحتفال السنوي للمجموعة الذي اقيم في فندق "والدورف استوريا" وكان بعنوان "السعي الى السلام" اكثر من 300 شخصية سياسية واعلامية والى ممثلين لمنظمات غير حكومية وديبلوماسيين من الامم المتحدة وواشنطن كان بينهم سفير لبنان في واشنطن انطوان شديد، ومندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام، فضلا عن عدد من العاملين في مؤسسات عصام فارس او مؤسسات يساهم في دعمها مثل جامعة تافتس في بوسطن. وكانت عريفة الحفل الصحافية المخضرمة كريستيان آمانبور التي قالت انها مدينة للمجموعة الدولية لانها ساعدتها كثيرا في فهم النزاعات المسلحة والحروب التي غطتها مراسلة لشبكة "سي ان ان" الاميركية للتلفزيون من البوسنة الى فلسطين.


كلينتون وبوش

وعلى هامش الحفل، اجتمع الرئيس كلينتون وعصام فارس نصف ساعة وناقشا الوضع الراهن في لبنان واحتمالات السلام في المنطقة، كما افادت مصادر في الفريق المرافق لفارس. وبعدما حيا كلينتون عصام فارس ورحب باللبنانيين الحاضرين، قال في بداية كلمته انه ناقش مع الاخير الانتخابات النيابية الاخيرة في لبنان، وشدد على ان اهم ما فيها ليس ان الاكثرية الفائزة صديقة بل ان "الخاسرين قبلوا نتائج الانتخابات، وتحدثت مع عصام عن املنا في ان يكون لبنان مثالا يحتذى في اماكن اخرى من العالم". واشاد بوش، الذي خاطب الحفل عبر شريط فيديو قصير سجل سلفا، وهو الذي قلص كثيرا سفره نظرا الى تقدمه في السن، على نشاط المجموعة الدولية ودورها في مناطق النزاع المختلفة من الشرق الاوسط ودارفور الى افغانستان وباكستان، وشدد على دور العاملين فيها في التعامل المباشر مع اطراف النزاع واهمية وموضوعية توصياتها الصريحة التي تعطي قادة العالم "الحقيقة كما هي" لمساعدتهم على حل النزاعات.

وتحدث كلينتون عن اهمية دور الديبلوماسية الاميركية في تحقيق السلام في الشرق الاوسط، وتطرق في هذا السياق الى تجربته خلال محادثات كمب ديفيد وغيرها وقال ان اميركا لا تستطيع ان ترغب في السلام اكثر من الاطراف المعنيين، ورأى ان دورها هو في تعزيز وابراز حسنات صنع السلام وتقليص مجازفات الاطراف المتنازعة لتشجيعهم على الاتفاق، وان يكن على الاطراف انفسهم ان يتعايشوا مع نتائج السلام. وقال ان اميركا تساهم في تحقيق السلام اذا اقنعت اسرائيل دائما بانها مهتمة بالفعل بأمنها، واذا اقنعت الفلسطينيين دائما بانها مهتمة بتحقيق العدالة لهم. وذكر بالجهود السلمية للرئيس باراك اوباما في المنطقة، قائلا "اذا حاول صنع السلام واخفق لا تقولوا انه فاشل لانه في كل مرة يحاول فيها الرئيس الاميركي تحقيق السلام، يتعرض عدد اقل من الناس للقتل".

وقدمت المجموعة الدولية جائزتين لبوش وكلينتون على انجازاتهما في تعزيز قضية السلام من خلال معالجة انهاء الحرب الباردة وما تلاها، ولاحتوائهما انتشار الاسلحة النووية" ومن خلال رسم الطريق في اتجاه تسوية النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني". وتسلمت جائزة بوش حفيدته لورن.


عصام فارس

وتولى الديبلوماسي الاميركي المتقاعد توماس بيكيرينغ الوكيل السابق لوزارة الخارجية الاميركية والذي عمل عن كثب مع بوش وكلينتون، تقديم عصام فارس وتسليمه الجائزة، لافتا الى انجازاته في مجالات التعليم والتنمية في لبنان والخارج، وقال ان تكريمه يعودا الى "دعمه الثابت للسلام والديموقراطية والتقدم الاقتصادي في لبنان وفي المجتمع الدولي".

وتكلم عصام فارس فقال: "يسرني بكثير من التواضع، ولكن بكثير من الاعتزاز والفخر، ان اكون انا ايضا من بين المكرمين في هذه المناسبة... لقد تبوأ كل من جورج بوش وبيل كلينتون رئاسة الدولة العظمى الوحيدة في العالم، اما انا فآتي من قرية صغيرة في بلد صغير. الا ان هناك شيئا ما يجمعنا، وهذا الشيء هو حبنا للعدل والسلام واندفاعنا لدعم المؤسسات الوطنية والاقليمية والدولية التي تعمل من اجل بسط العدالة والاستقرار والسلام، وهل هناك انبل واسمى من العمل من اجل السلام؟". وتطرق الى علاقته بالمجموعة الدولية حين زاره في لبنان منتصف التسعينات السيناتور جورج ميتشل اللبناني الاصل في بيروت مع فرق من العاملين في المجموعة الدولية لتعريفه بها. وقال فارس، ان انطباعه عن الفريق هو "انه بالفعل مثالي في رؤيته وواقعي في سياسته. نجح الفريق في انتشالي من محدودية الدولة والمنطقة الى لا محدودية العالم واشكالاته، وفتح امامي آفاق الكرة الارضية بكاملها من غير ان يهمل المهم والملح في ما يتعلق بوطني وبمنطقتي". واضاف ان المجموعة "علمتنا التشديد على مبادئ العدل والحرية والمساواة وحقوق الانسان".

واوضح انه كلبناني "عشت الحرب بكل مآسيها، وتيقنت ان في الحروب ما يكفي من الهمجية والعدوانية والتخلف. فمن هذا المنطلق، ارى انه من واجبنا جميعا، العمل لدعم هذه المؤسسة في تحقيق حلمها من اجل السلام العالمي... دعتنا هذه المؤسسة الى هذا الاحتفال لتكرمنا. كان الاجدر بنا ان نكرم نحن نساء هذه المؤسسة ورجالها المرابطين في الخطوط الامامية من مواقع النزاع في جميع مناطق العالم... انهم حقا يخاطرون بحياتهم من اجل تأمين السلام الكامل والعادل لكل واحد منا على الارض".