أخبار دولية
تكريم دولة الرئيس عصام فارس في نيويورك
PrintEmail This Page
طلال سلمان: "ليس كثيراً ان يكرَّم عصام فارس في نيويورك جنباً الى جنب مع رئيسين سابقين للولايات المتحدة الأميركية"
30 تشرين الأول 2009

لم التق عصام فارس، مرة، إلا وكانت عكار ثالثتنا. ولم اسمع من مسؤول في لبنان كلاما جديا عن خطورة اهمال ما يسميه غيره ممن تعاقبوا على السلطة «المناطق النائية» وأهلها الطيبين الذين يشكلون عصب الجيش وأهل القمح، بل انني لم اشهد ولم يشهد غيري من اهتم مثله بأهل منطقته، وتباهى بانتمائه إليها، وسعى لأن ينهض بها بجهده الشخصي المباشر، ثم بمحاولة إلزام الحكم بالاهتمام بـ«الناس الطيبين هناك، في البعيد عن هموم المسؤولين»، مؤكداً ان لبنان سيظل معتلاً ما دامت فيه «مناطق محرومة» لا تنال نصيبها من حقوقها على وطنها وفيه.


لم يدّع عصام فارس، يوماً، انه زعيم تيار سياسي، او انه قائد خطير، لكنه عمل بكل جهده، ووظف ماله وخبرته وصداقاته، ثم موقعه في السلطة، من اجل محاولة انصاف تلك المناطق الغنية بقدرات أهلها، والغنية بأرضها في ما لو توفرت لها الخدمات الحيوية، من ماء وكهرباء وطرقات، فضلاً عن المعاهد والمدارس، المهنية منها والعامة.


ولقد حاول عصام فارس ان يعوّض بماله الخاص بعض وجوه التقصير الرسمي، فبنى المدارس والمعاهد المهنية، وساهم في اقامة فرع لجامعة البلمند، وأوفد مئات الطلاب لاكمال تخصصاتهم على حسابه في الخارج، غير الآلاف من الدارسين في الداخل، وساعد آلاف الفلاحين على استصلاح أرضهم وشق الطرقات التي تشكل شرايين الانعاش الضروري في تلك الجهات التي صُنفت «نائية»، فنأت عنها الدولة لتحصر اهتمامها بالمناطق المحظوظة.

«ابن عكار» ظل باراً بأهله. لم يرتحل الى العاصمة او الى المدن الأنيقة، وإن كان قد امتلك بيوتا في أكثر من جهة، لكن عكار ظلت في ضميره، يعود إليها ويصطحبها معه الى سرايا الحكم في بيروت، يكافح لإنصاف أهلها الطيبين الذين لا يبخلون بالدم متى استنفرهم الوطن، ولا هم يضنّون بعرق الجبين على أرضهم من اجل ان تنتعش بالخضرة وثمار الخير.

قال لي «دولة الرئيس» يوماً ونحن نتخذ موقعينا الى مائدة «غداء عمل» في مكتبه في «السوفيل»: كل ما ترى من خضار ومأكل وفواكه هنا، أتيت به من عكار. حتى الخبز يأتيني من أهلي هناك. لقد ساعدت الفلاحين على استصلاح أراضيهم والامتناع عن استخدام المبيدات التي تفسد التربة وتذهب بالطعم الشهي للخضار والفواكه، والتي تغري بعض الطامعين بالربح السريع فيحاولون استنباتها مبكرة لتباع بسعر أعلى...

ولم يقل عصام فارس انه ساعد الفلاحين في منطقته على احياء الأرض الموات، وإنه وفر لهم البذار الافضل، وتعامل معهم بكرامة بوصفهم أهله، فلا منّة ولا استرهان إرادة، بل مساعدة لمن يفخر بانتمائه إليهم ويفخرون بأنه منهم.

وليس كثيراً ان يكرَّم عصام فارس في نيويورك، جنباً الى جنب مع رئيسين سابقين للولايات المتحدة الاميركية، هما من بين اصدقائه الكثر بين كبار المسؤولين الذين تعاقبوا على السلطة هناك في ربع القرن الأخير.  إن تكريم عصام فارس هو تكريم لعصامي من لبناني بنى نفسه بكفاءته، ثم عاد الى بلاده يحاول ان يقدم اليها ما جنى من ثروة وخبرة، وما حمله لها في قلبه دائماً من اعتزاز بالانتماء إليها، والى الأكثر بعدا والاعظم فقراً من مناطقها، التي حاول جهده ان يجعلها تعرف طريقها الى... دولتها.

ابن بينو مكرَّماً في الولايات المتحدة الاميركية: انها خدمة اضافية للبنان. وهي مكرمة جديدة لابن بينو الذي يملك منازل كثيرة، لكن بيته الدائم في قلوب أهله في البلاد التي كانت منسية، فصار اسمها على كل شفة ولسان.