أخبار دولية
سلسلة محاضرات جامعة تافتس
PrintEmail This Page
هيلاري رودهام كلينتون: تحديات السياسة الخارجية الأميركية في الحوض الشرقي للمتوسط بعد هذه الانتخابات الرئاسية



   
 هيلاري رودهام كلينتون تلقي خطابها: "قد نكون نجتاز أكثر لحظة تاريخية في الشرق الأوسط"
 


 

عصام فارس يتوجه بالكلام إلى السيدة كلينتون: "بكل سرور أتشارك هذه المنصة مع إنسانة تتحلى بميزات استثنائية" 


حث نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس الادارة الاميركية بعد إعادة انتخاب الرئيس جورج بوش على النظر من جديد الى العالم العربي، معتبراً ان الولاية الثانية تشكل فرصة لاعادة النظر في منطقة الشرق الاوسط واعطائها الاولوية التي تستحق. وذكّر فارس بأن عناصر النجاح في معالجة قضية الشرق الاوسط موجودة في المبادرة العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية التي انعقدت برئاسة فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود في آذار 2002.

وكان نائب رئيس الحكومة عصام فارس يتحدث في سلسلة المحاضرات التي تحمل إسمه في جامعة "تافتس" الاميركية المعروفة في مدينة بوسطن، والتي استضافت هذه السنة السيدة هيلاري كلينتون سيناتور ولاية نيويورك وسيدة البيت الابيض السابقة في حضور اكثر من خمسة آلاف شخص غصت بهم قاعة الاحتفالات الكبرى في الجامعة. وتقدم الحضور سياسيون وديبلوماسيون وأكاديميون وإعلاميون وعقيلة الرئيس فارس السيدة هلا ونجلاه نجاد وفارس وكريمته نور.

رئيس الجامعة لورانس باكو استهل بكلمة رحب فيها بنائب رئيس الحكومة عصام فارس مشيداً باسهامه في دعم النشاطات الفكرية والثقافية والحلقات الدراسية ومراكز الابحاث العلمية الجامعية وخاصة في "تافتس" و"مركز عصام فارس للدراسات الشرق متوسطية"، وركز على المساهمة الفاعلة التي يقدمها فارس في سلسلة المحاضرات السنوية بتحويلها الى حدث سنوي، وخاصة دعمه لحلقات المناظرة التي شارك فيها ديبلوماسيون حول الشرق الاوسط بعنوان "اطلاق حوار حول السياسة الخارجية الاميركية بعد الانتخابات الرئاسية".

ثم تحدثت مديرة مركز عصام فارس للدراسات الشرق متوسطية الدكتورة ليلى فواز شارحة الجهود التي يبذلها المركز في شتى الابحاث العلمية.



السيدة كلينتون والسيد عصام فارس خلال سلسلة محاضرات  تافتس للعام  2004


كلمة فارس

بداية، رحّب دولة نائب رئيس مجلس الوزراء الأستاذ عصام فارس بالسيناتور هيلاري كلينتون، خطيبة الاحتفال، وشكر القيّمين على الجامعة، وعلى سلسلة محاضرات عصام فارس، وربط بين دور الجامعة ونفوذها في العالم قائلاً:
أينما أتجوّل في لبنان أو في المنطقة، ألتقي دائماً بمتخرّجين من جامعة تافتس يتبوّأون أعلى المناصب، إن في الإدارات الحكومية أو في المؤسسات الخاصة. والسفير الحالي للولايات المتحدة في لبنان، السيد جيفري فلتمان، هو واحد من هؤلاء. إنه ليس فقط خرّيج جامعة تافتس، بل سفيرها أيضًا.

يهمّني، بعد مرور أسبوع على الانتخابات الرئاسية، أن أتوجّه إلى الإدارة الأميركية لحثّها على النظر من جديد إلى العالم العربي، وأن أهنّئ الرئيس جورج بوش على إعادة انتخابه، متمنّيًا له النجاح في ولايته الرئاسية الثانية. قد تتيح له هذه الولاية الثانية الفرصة لإعادة النظر بمنطقة الشرق الأوسط وإعطائها الأولوية التي تستحق.

في السنوات الأربع الماضية، ساءت العلاقات العربية - الأميركية بشكل ملحوظ. فالمسألة الفلسطينية تفاقمت وتعقّدت، وسادت فيها أعمال العنف بحيث صار من الصعب السيطرة عليها. والعراق أصبح مصدر قلق بالغ للجميع وتحول إلى مشكلة شرق أوسطية ثانية. فبينما كانت الروابط في السابق، بين الولايات المتحدة وبعض الدول العربية قوية جداً، إذا بها تتفكّك وتوشك على الانهيار الكلي. كما أن الاحترام الكبير الذي كان يكنّه العرب تجاه الولايات المتحدة والشعب الأميركي، بدأ هو أيضاً ينهار ويتحوّل إلى عداء، كما تدل آخر الاستطلاعات.

لقد بلغت العلاقات العربية-الأميركية أدنى مستوياتها. وإذا ما استمرّت الأمور على هذا المنوال، فهي سائرة، من دون أدنى شك، نحو الأسوأ، نحو الحضيض. فمن واجبنا، ومن على هذا المنبر بالذات، منبر سلسلة محاضرات عصام فارس، أن ندقّ ناقوس الخطر، وأن نحثّ الجميع على تصويب الانظار على الامور التي تخدم المصالح العليا لكل من الولايات المتحدة والعالم العربي. وذلك من خلال العمل على ما هو حق وأساسي. علينا أن نشدد على ما هو جوهري ودائم، وليس على ما هو شكلي وعابر. علينا العمل لبلوغ أهداف على المدى البعيد وليس على المدى القريب فحسب كما جرت العادة. لمنطقة الشرق الأوسط خصوصية فريدة. وذلك لأسباب ثلاثة. أولاً، إنها المنطقة التي نشأت فيها الديانات السماوية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام. ثانيًا، إنها المنطقة الوحيدة التي تستعرّ فيها حاليًا حربان يصعب السيطرة عليهما. ثالثًا، إنها أكبر خزّان للنفط في العالم. وإذا ما أُدركت هذه الأسباب بعمق، وعولجت بدقة وحكمة، فبإمكانها أن تحقق علاقات جيدة بين الولايات المتحدة والعالم العربي، أما إذا اتّسمت المعالجات بالخفة، والسطحية، وبشيء من الغوغائية، فستتفجّر الأوضاع، بلا شكّ، بشكل خطير ومدمّر ذات انعكاسات سلبية على المنطقة والعالم بأسره.
أولاً: نشأت اليهودية والمسيحية والإسلام في البيئة نفسها في منطقة الشرق العربي الممتدة من مكة الى القدس. وهذه الديانات السماوية الثلاث تؤمن كلها بإله واحد، وتعتبر أن التاريخ مسيرة خلقية وروحية هادفة باتجاه المصير الذي حدّده الخالق له، وتلتزم مبادئ أخلاقية متقاربة بل متشابهة جدًا.

أما بالنسبة إلى التعاطي بقضية الشرق الأوسط، فقد اتخذت هذه الديانات مسارات متفرّقة ومتشاكسة، فسيطر التطرّف على كل منها وانحرفت عن أهدافها السامية: وقعت اليهودية أسيرة للصهيونية، ووقعت المسيحية أسيرة للمحافظين المتزمتين، ووقع المسلمون الى حد ما تحت وطأة تحديات الغرب له تحت نفوذ الأصوليين.

لا شك بأن هذا المنحى الخطير في الديانات السماوية يستدعي مراجعة جدية لتحويل الرسالات الالهية الى هدفها الانساني الروحي الرفيع.
فعلى اليهود والمسيحيين والمسلمين أن يقوموا بمراجعة نقدية لذواتهم كي يتمكّن واحدهم من رؤية الآخر بشكل موضوعي، فيتقبّله ويحترمه ويتفهم أوضاعه كما يتفهمها هو. هذا هو التحدّي الكبير الذي يعني كل من يكتب، أو يبحث، أو أو يفكّر، أو يخطّط في قضايا الشرق الأوسط.

ثانيًا: انطلاقًا مما أشرنا إليه، يصعب جدًا، لا بل يستحيل، فهم ما يحصل في الشرق الأوسط بمعزل عن العامل الديني. وينطبق هذا على فلسطين، كما على العراق، كما على الحركات المتطرفة في المنطقة. لا شك أن الانفعال الديني قد صب الزيت على النار، فولّد نفسية انتحارية في الضعيف، المستفرد أدت الى إثارة الخوف والرعب والى ترجمة الرعب والخوف إرهاباً.

يتبيّن من الحملة الانتخابية الرئاسية في أميركا، ومن المواقف التي أتُخذت فيها بالنسبة لمحاربة الارهاب أنها كانت ترتكز كلها على استعمال القوة العسكرية. وإذا كان هناك ما يبرّر هذا الموقف بعد الحادي عشر من أيلول، بسبب ردّة الفعل الشعبية الأميركية، إلاّ أنه موقف انفعالي، وفي كل الأحوال فانه موقف غير فعّال. إذ لا يمكن أن تحمي أميركا بزج المزيد من الفرق العسكرية في الساحة الشرق أوسطية، أو بالتغاضي عما يقوم به القوي عسكريًا من أعمال سحق للضعيف الأعزل من السلاح، وإني أرى الوسيلة الافعل لحماية أميركا هي من خلال تطبيق المبادئ التي قامت عليها أميركا، من عدل ومساواة وحرية.

بعد نصف قرن من الإهمال، والارتجالية، والمعالجات الجزئية لقضية الشرق الأوسط، حري بنا أن نواجهها بروح من الالتزام والجدية والاستمرارية. لاسيما وأن مقومات الحل أصبحت معروفة، وكاد الرئيس بيل كلينتون أن ينجح في كامب دايفيد في نهاية عهده. ولا شك بأن السيدة قرينته، وهي محاضِرَة هذا الحفل، تعرف الكثير عما اتفق عليه في تلك القمة. وأود أن أشير في هذه المناسبة الى القمة العربية التي إنعقدت في بيروت في آذار 2002 برئاسة فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود. وقد تبنَّت القمة مبادرة سمو الامير عبدالله بن عبد العزيز واتخذت قراراً استراتيجياً جريئاً يؤمن لكل فريق حقه. إلاّ أن قرار القمة جوبه بردّ خجول من الغرب، وبرفض قاطع من إسرائيل. إننا نطلب بإلحاح من الإدارة الأمريكية الجديدة إعطاء الأولوية لقضية الشرق الأوسط، والتحرّك بكل ما أوتيت من قوة لحلّها. وهذا يتطلّب من جانبها إجراء تعديل جذري في منهجية سياستها الخارجية وقفز فوق المألوف الفاتر التي كانت تتبعه.

أما بالنسبة إلى العراق، فلا خيار غير إعطاء الشعب العراقي حق تقرير مصيره، من خلال تقوية مؤسساته، وتوفير المساعدة التي يحتاج إليها. كما أنه لا خيار أمام منظمة الأمم المتحدة، والمجموعة الأوروبية، وأيضًا الدول العربية، الا بالمساهمة، وبشكل فعّال، في تأمين السلام في العراق وإعادة إعماره. ولكن المسؤولية الأساسية، إن بالنسبة إلى السلام، أو توحيد الشعب، أو إعمار ما تهدّم، تقع على شعب العراق نفسه إذ لا يمكن أن يساعده الغير بفعالية إن لم يساعد هو نفسه ويوحد موقفه.
وهذا ما فعله لبنان - الذي واجه سابقاً مشاكل شبيهة قبل عقدين من الزمن – ولم يتمكن لبنان من إنهاء حربه الداخلية الا عندما وحد موقفه بالنسبة للاسس التي يرتكز عليها لبنان وفي كل المجالات وذلك من خلال إتفاق الطائف. وعندما اعتمد أن يتحد اعتمدت الدول العربية وبالاخص سوريا واصدقائه في الغرب على مساعدته.

ثالثًا: ومثلما توجد مشكلة ذات بعد ديني، وأخرى ذات بعد عسكري، فهناك مشكلة ذات وجه اقتصادي يتمثّل في الثروة النفطية. فالنفط أيضا أصبح مشكلة بين العالم العربي وأميركا. فمن ناحية يؤمّن النفط الرأسمال الضروري للإعمار، ومن ناحية أخرى يؤجّج التنافس الخارجي، ويسمح بالتدخّل الأجنبي، ويحرّك شهية الطامحين، ويشجّع الفساد، ويخلق بونًا شاسعًا بين الأغنياء والفقراء. ففيما الأغنياء قلائل في المنطقة العربية، يقبع السواد الأعظم من الشعب في الفقر والأميّة. هكذا يُحرم الشعب من منافع ثروته النفطية، فيقف ضد أنظمته، وضد أصدقاء أنظمته، وبالأخص الولايات المتحدة حليفة هذه الأنظمة.

وكلما ازداد الشعب فقرًا ويأسًا، كلما اتجّه نحو المفهوم الشعبوي للدين، ووقع تحت تأثير المتطرّفين الذين يسيّسون الدين ويستثمرون فقر الجماهير لتعبئتها ضد الأنظمة القائمة وضد الغرب المستثمر للطاقة النفطية في العالم العربي.
يدفع الفقر بالفئات الشعبية إلى وضع كل آمالهم وتطلعاتهم في ما تعدهم الاديان من حياة بعد الموت. فيسهل حينئذ تعبئتهم بالشعارات الرنّانة والجذابة. لا شك بأن العرب يعتقدون أن الولايات المتحدة اجتاحت العراق ليس فقط بهدف الإطاحة بنظام صدّام حسين، بل لوضع اليد على ثروتهم النفطية. وهذا ما رسّخ في أذهان العرب بأن النفط، بدل أن يكون مصدر قوة لهم، أصبح وسيلة للسيطرة على العالم العربي وإذلال المسلمين. فالسؤال الملح إذًا هو كيف نحوّل الثروة النفطية من أداة سيطرة و استغلال وتفقير، إلى أداة تساهم في رفع الظلم، وتحسين مستوى العيش، وتأمين الرفاهية والحرية. أما تحقيق هذا التحوّل، فيستدعي أولاً سلامًا عادلاً وشاملاً في المنطقة، ومن ثم تعاونًا أميركيًا-عربيًا لتنفيذ هذا التحوّل. وقد طُُرحت بعض الأفكار بالنسبة لهذا الموضوع ولكنها لم تتبلور الى برنامج عملي مقبول عربياً وأمريكياً.
وفي النهاية، لقد شدّدت على أولوية وخصوصية منطقة الشرق الأوسط من خلال النقاط الثلاث التي عالجتها، وبيّنت خطورة المعالجات الخاطئة لهذه النقاط، أملاً بأن يحدث تغيير جذري في طريقة التعاطي بها لتأمين علاقات جيدة بين العالم العربي والولايات المتحدة الأميركية.
لقد شكّل الرئيس جورج بوش، على أثر كارثة الحادي عشر من أيلول، لجنة رفيعة المستوى (Task force) لتحرّي أسباب هذه الكارثة، واقتراح وسائل لمنع تكرارها. ولكن هناك، في العلاقات العربية - الأميركية السائدة، احتمالات لحدوث كوارث متعدّدة: بعضها عسكري، وبعضها سياسي، وبعضها الآخر اقتصادي ونفسي. المطلوب، من الإدارة الأميركية الجديدة، ولمواجهة هذه الاحتمالات بالذات، تأليف "لجنة رفيعة المستوى" جديدة للبحث في مكامن الخلل في العلاقات العربية-الأميركية، وفي ما يجب عمله لمعالجة أسباب هذا الخلل. ومما لا شكّ فيه أن تشكيل هذه اللجنة مسألة ملحّة للغاية، وذلك لتحقيق تفاهم أكثر عمقاً بين العرب والأميركيين، وصولاً إلى حلول عادلة ودائمة في المنطقة. وبات معروفاً من الجميع، أن لبنان يسعى لتأمين علاقات جيدة بين العرب وأميركا. ذلك أن رسالته هي رسالة توافقية، رسالة تجمع ولا تفرّق، رسالة حوار وتفاهم.
تعرّضت إلى كل هذه المواضيع انطلاقًا من رسالة لبنان التوافقية، وإني أنتهز هذه المناسبة لأشكر جامعة تافتس لتبنيّها سلسلة محاضرات عصام فارس، وجعلها منبراً لكبار قادة العالم ليعالجوا مشاكل منطقتنا بالمستوى الذي تستحقّه، ويطرحوا تصوراتهم لحلّها. وإنه لشرف كبير لي أن تناقش السيناتور هيلاري رودهام كلينتون شؤون الشرق الأوسط من منطلق تجربتها الفريدة في السلطتين التنفيذية والتشريعية.
يسرّني في النهاية أن أتقدّم من القيّمين على هذه السلسلة من المحاضرات، ومن الحضور الكريم بفائق الشكر والتقدير.



كلمة كلينتون

يسرني ان اكون معكم وان اشاطركم نجاح هذا اللقاء الذي بات يتسم بالتقليد العائلي. وكما سمعتم فقد كان زوجي هنا قبل سنتين وانه ليشرفني ان اعقبه وغيره من الخطباء المرموقين. كما أود ان اشكركم على هذه الفرصة التي تسنح لي معكم التحدث معكم بايجاز عن التحديات التي تواجهها السياسة الخارجية الاميركية في منطقة الشرق الاوسط بعد الانتخابات الرئاسية. لا بد لي من الاعتراف اني كنت اود ان اتطرق الى سياسة الرئيس كيري للشرق الاوسط ولكن نتائج الانتخابات اتت مغايرة وبالتالي علينا العودة الى مسار الادارة الحالية التي نأمل ان تطرأ عليه تغييرات وان نرى التزامات جديدة في السنوات الاربع القادمة.
اود بداية ان اشكر الرئيس باكو والجامعة على انفتاحهم وعلى التزامهم الدولي في تربية طلابهم ولا سيما منهم العدد الكبير من الطلاب الاجانب. كما اني اشكركم على ارادتكم في المثابرة على هذا النحو في ما يمكن اعتباره مخالفا لغيره من الجامعات لتأسيس حوار صادق ولاقتباس خبرة عن المسائل الصعبة والشائكة التي تواجهها شعوب منطقة الشرق الاوسط وبلادنا.

اود ايضا ان اشكر الاستاذة فواز على ادراتها الفعالة وبراعتها في هذا المنصب. كما اني اوجه جزيل شكري لدولة الرئيس عصام فارس نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني، اذ انه دون دعم عائلة فارس وبالأخص دعم دولته لما كان كل هذا ممكنا. ان التزام دولته لجامعة تافتس رائع جدا. فعدد العائلات في بلادنا الذي اظهر هذا النوع من التعهد لجامعة اميركية قليل. ومن المؤكد ان التزام عائلتكم لتافتس كان مفيدا على كافة الأصعدة. الا ان اكثر ما اقدره هو تفهم دولته للحاجة الماسة لتوفر مكان كمثل هذه الجامعة العريقة حيث يستطيع الطلاب والخبراء والاختصاصييون وعامة الناس وصانعو القرار وليس فقط السياسييون بحث مثل هذه المسائل الهامة.

قد نكون اليوم في مرحلة تاريخية فريدة في الشرق الاوسط، وكما في كل وقت سابق، فإن علاقة اميركا بحكومات وشعوب هذه المنطقة وبتطلعاتهما وبالتحديات التي تواجهها سوف تكون دقيقة ليس فقط بالنسبة لمستقبل المنطقة بل ايضا بالنسبة لمستقبلنا.
اليوم واكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة ماسة لأبحاث معمقة رفيعة المستوى وتحليلات نوعية بالاضافة الى رؤية واضحة وتفكير استراتيجي.
حتى وقت قصير كانت السياسات المعقدة في الشرق الاوسط من اختصاص الخبراء والدبلوماسيين والاكاديميين والمحللين فقط، اما اليوم فإن معظم الاميركيين مع غيرهم الكثير من شعوب العالم يدركون التأثير العميق لكل ما يحصل في الشرق الاوسط على السلام والأمن في العالم.
ما كنا ننظر اليه كمهد للديانات السماوية الثلاث، اليهودية، المسيحية والاسلام اصبحنا ننظر اليه كمسرحا للنزاعات الكبرى بما فيها الارهاب المنتشر حول العالم.
لسنا متفرجين بالنسبة لهذه القوات المنتشرة على ارض الشرق الاوسط، بل نحن شئنا ام ابينا مشاركون ولنا مصلحة في ما يتعلق بنتيجة النزاعات القائمة.
في الواقع، ان للولايات المتحدة، وبسبب مكانتها في العالم، مصلحة اكبر في ما يتعلق بنتيجة النزاع وقدرة اكبر في اخراج الحلول .
ما نحتاج الى فهمه بطريقة افضل وما يجب ان نتوافق عليه جميعا هي وجهات النظر في ما يتعلق بهذه التحديات ومن ثم العمل على وضعها لمصلحة شعوب المنطقة وشعبنا معا. واعتقد انه يحق القول ان قدرنا مشترك.
في مداخلة وجيزة كهذه لا يمكنني ان اتطرق كالخبراء الذين ولأيام عديدة قد ناقشوا مجمل المواضيع او غيرهم في هذه القاعة من الذين كرسوا حياتهم المهنية لايجاد حلول او كأولئك الذين يعتبرون هذه المنطقة بيتهم والذين تعايشوا مع نتائج القرارات المتخذة منذ سنوات. ولكني ساحاول ان اشدد على بعض المبادئ العامة التي اعتقد ان، على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، ان ترتكز عليها والتي آمل ان تشكل نصيحة وتخدم بالتالي الادارة الحالية.
اولا اعتبر انه من الضروري ان نعترف بداية ان امن وحرية اسرائيل يبقيان المرتكز الاساسي والحاسم في السياسة الخارجية الاميركية وفي أي مقاربة اميركية للشرق الاوسط، ايا يكن الرئيس. لقد كانت هذه سمة السياسة الخارجية لاميركا منذ اكثر من خمسين عاما" ولا يمكن ابدا لأي حكومة اميركية او للشعب الامريكي ان يحيد عن هذا الالتزام. كما اعترف به الرئيس ترومان، فإن هذا الالتزام بدأ بعد الابادة المريعة واستمر بفعل القيم المشتركة التي اختبرها الشعبان الاميركي والاسرائيلي.

ثانيا تتطلع شعوب الشرق الاوسط الى الديمقراطية وحقوق الانسان. ان كل من يعاني في ظل نظام تعسفي وكل من تعيق الاعتبارات الايديولوجية والتعصب الديني مستقبله، ان كل رجل وامرأة وطفل يستحق مساعدتنا و دعمنا واننا لمقتنعون بانه من الممكن ان ينعموا بمستقبل حر ومزدهر. في هذا السياق الرئيس بوش وانا نرى انه ما من اعتبار عرقي او ديني او ثقافي يعيق أي شعب من الولوج الى الحرية. انه من غير المناسب لا بل من الخطأ الاعتبار ان يعض الشعوب ليست جاهزة لأن تكون حرة ولان تتماشى مع الديمقراطية. لذا نحن كشعب اميركي علينا دائما الوقوف الى جانب الديمقراطية والحرية. وان لم نكن قد التزمنا بذلك دائما. في الواقع علاقاتنا في المنطقة تردت نتيجة وقوفنا بجانب القاهر على حساب المقهور ونتيجة غض النظر عن مفاعيل الفاشية والانظمة الاستبدادية. وكما اشار دولته فإن الثروة الطبيعية المتمثلة بالنفط تحولت من نعمة الى نقمة. وحان الوقت لأن تتحول هذه الثروة الى نعمة ولأن تشاطر شعوب هذه المنطقة ثمار خيراتها.

ثالثا ان حقوق المرأة هي حقوق الانسان وهذا كان جوهر الخطاب الذي تشرفت بالقائه في بيجين كسيدة اولى. تعود هذه المسالةالى القرن العشرين لكن ما كان قائما في القرن الماضي يبقى مستمرا وخاصة في منطقة لا يزال عليها ان تعترف بالمشاركة الكاملة للنساء وللفتيات. قبل فترة، كان زوجي في المملكة العربية السعودية وقد طلب منه ان يلقي كلمة في محاضرة ترعاها مجموعة عمل، فأصر على الا يتكلم الا امام جمهور مختلط من النساء والرجال، انه موقف اؤيده بشدة. وعليه تمت دعوة النساء للحضور، لكنهن عزلن بالطبع، وعندما تحدث زوجي عن اهمية حصول وممارسة المرأة لحقوقها بالنسبة الى مستقبل السعودية، قوبل بتصفيق حار من جانب النساء. ان الكلام الذي قاله والذي تمت تغطيته في الصحافة المحلية في اليوم التالي هو علامة مشجعة بالتأكيد لكن مجرد انه كان مضطرا لقول هذه الامور يبرهن ان الطريق لا تزال طويلة.
اخيرا حين ننظر الى الحالة الاستراتيجية السياسية والاقتصادية لمنطقة الشرق الاوسط، نجد انه من الصعب التصور انه يمكن تحقيق التقدم وتدعيمه طالما هناك عدم ارادة وممانعة لضم نصف الشعوب لبناء مستقبل هذه الدول.
انه من الصعب علي ان اقرأ وافهم الدراسات الاقتصادية لهذه المنطقة. فاذا كنا نعلم بالارث الثقافي الذي انبعث منها عبر الالفية الماضية، واذا كنا نعلم بالنجاحات الفردية التي تشكل احيانا اسطورة، الا ان العوامل التي تدخل اليوم في تحديد النمو الاقتصادي والانتاجية وما شابه، لا تمت بأي صلة للطاقة المتاحة. هناك العديد من الاسباب منها ما قد تم شرحه مؤخرا في دراسات من داخل المنطقة ومن خارجها، الا ان احد هذه الاسباب هو بالتأكيد رفض مشاركة المرأة في العملية الاقتصادية السياسية الاجتماعية بشكل كامل.
كنت من بين اوائل الاصوات التي تحدثت عن سوء معاملة النساء من قبل حكم الطالبان في افغانستان في التسعينيات واليوم وبعد فترة قصيرة من الوقت، هناك امرأة تترشح للانتخابات الرئاسية. انها لخطوة مهمة جدا قياسا الى ماضي هذا البلد ولا بد ان اضيف ان هكذا خطوة تضع المراة الافغانية في مصاف متقدم على المراة الاميركية. وعليه يكون احد اهم محاور دفع شعوب منطقة الشرق الاوسط نحو المزيد من الحرية والديمقراطية وحكم القانون واحترام حقوق الانسان، هو ببساطة الاعتراف بانسانية وكرامة وطاقة الفتيات والنساء وهذا يعني بالطبع اعطائهن التربية وذلك فسحا لمجال اظهار كل طاقاتهن.
فيما تنشغل المنطقة ليس فقط بمشاكل عامة ينبغي معالجتها بمبادرات داخلية وعبر تغيير بعض الحكومات ومن خلال رجال الاعمال، علينا الاعتراف ان هناك فرصة كبيرة بدمج المتغير السياسي مع المتوقع حصوله لبناء مستقبل جديد مع كل ما يخفيه القدر من تقلبات.
فيما نتكلم الان لا نعرف بعد مصير الرئيس ياسر عرفات ولكن من الواضح اننا نقترب من نهاية حقبته. وهذا يعني مرحلة انتقالية للشعب الفلسطيني ونأمل ونصلي ان تكون سلمية. وهي ايضا فرصة كبيرة لتحويل السلطة من الرئيس عرفات الى قيادات جديدة وبالتالي مناسبة تاريخية نادرة لتغيير المسار ليس فقط بين الفلسطينيين والاسرائيليين بل في المنطقة ككل. وكما اكتشفنا في التسعينيات ان الرئيس عرفات لم يتمكن من التحول من قائد حزبي الى قائد وطني. فالحكومة الاسرائيلية كانت على حق عندما اختبرت نواياه عبر مسار اوسلو وكانت الحكومة الاميركية ايضا على حق في دعم ذلك، ولكن في نهاية المطاف تبين ان الرئيس عرفات لم يرغب او لم يستطع ان يفي بوعوده في تحقيق أي اتفاق سلام. الشعوب لا تتفاوض مع اصدقائها او حلفائها. تجلس على طاولة مفاوضات اكنت في اميركا الوسطى في نهاية الثمانينيات او في ايرلندا الشمالية او في أي منطقة من العالم مع اشخاص تعتقد انه ما من امر مشترك بينك وبينهم ولا حتى الانسانية. تجلس قبالة اشخاص تعتقد انهم كانوا متورطين ربما في قتل اشخاص قريبين وعزيزين عليك، لكن ما من طريق آخر، ومسار اوسلو كان وعلى مدى ثماني سنوات عاملا في تخفيف العنف وفي تحفيز الاستثمار في المناطق الفلسطينية وحاميا للاطفال الفلسطينين والاسرائيليين من الموت. ففي نهاية المطاف لم يتمكن ياسر عرفات من قيادة شعبه نحو مستقبل جديد وواعد. أما الآن فيملك الفلسطينيون الفرصة لتحقيق ذلك، بادراك مدى الضرر الذي الحقته الانتفاضة ليس فقط بالاسرائيليين بل بهم ايضا ولاظهار انهم قادرون على كسر حلقة العنف ونزع السلطة من الارهابيين وايقاف الانتحاريين والدخول في حوار جدي مع اسرائيل.

اما في الجانب الاسرائيلي فإن رئيس الوزراء شارون، وبدعم من الكنيست، تقدم بقرار الانسحاب من غزة وعلينا دعمه وعلينا ايضا ان نعمل ما في وسعنا لدعم الفلسطينيين في ادارة غزة من خلال بناء المؤسسات ومن خلال حكم القانون وفي التحضير لانتخابات من شانها اظهار انهم على استعداد لتحمل كامل المسؤولية في بناء مستقبلهم. ولكي يتم كل ذلك فان على الولايات المتحدة ان تلتزم مع العلم انها في بداية عهد الرئيس بوش قد تخلت عن هذا الالتزام ولكن اليوم آن للرئيس ان يلتزم فاحتمال غياب الرئيس عرفات يوفر فرصة لتحقيق ذلك.

كما راينا خلال التسعينيات انه عندما يتشاور الناس في ما بينهم يكون هناك امل في الخروج بنتيجة افضل ويكون هناك عدد اقل من القتلى. وآمل ان يضع الرئيس وادارته القضية الفلسطينية الاسرائيلية مجددا في مقدمة السياسة الخارجية للولايات المتحدة. تعلمنا وتعلمنا الكثير في التسعينيات والآن حان الوقت للبناء على ما تعلمناه وعلى خلق مجال مجدي للتفاوض. ومن الواضح انه لنجاح هذه المفاوضات يجب اشراك دول الجوار فيها، للوصول الى حل شامل، علما ان حل المسائل العالقة في المنطقة يرتبط بحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي.
إن دور اميركا معقد الى حد ما بما يحصل اليوم في العراق، فالعراق يبقى التحدي المباشر لبلدنا وخاصة بسبب الواقع الأليم الذي نواجهه بوفاة شبابنا او اصابتهم بجروح خطرة عند تادية واجبهم. قمت بزيارة جنودنا في افغانستان والعراق السنة الماضية في مستشفى Walter Reed Hospital في نيويورك وهم مثال رائع عن الشباب الاميركي. فنحن ندين لهم بذلك وندين للشعب العراقي بالمثابرة في سياستنا التي سوف تنجح. لقد وجهت انتقادات شديدة للادارة الحالية في مقاربتها للمسألة العراقية ولا زلت اعتقد انه يجب تأمين المزيد من الدعم من دول العالم وبالتحديد من دول المنطقة للحد من المخاطر التي تصيب جيشنا ولزيادة فرص النجاح للشعب العراقي.

وفيما نجتمع اليوم تدور معارك في الفلوجة ومن الواضح اننا نفكر ونصلي لجنودنا وللجنود العراقيين ونأمل بان هذه المعركة سوف تكون حاسمة وتقنع المتمردين ان ليس لهم مستقبل وعليهم تسليم اسلحتهم والانضمام الى العملية السياسية، لكن وبطريقة ما لست واثقة من النتيجة. نحن في مسار طويل ونحتاج لعمل كل ما هو ممكن لخلق المزيد من الامن للعملية الانتخابية التي ستحصل في كانون الثاني والتي ستأتي بحكومة عراقية شرعية، قادرة على بناء الاستقرار. ان كلَّ من دعم السناتور كيري كان واثقا ان انتصاره سيؤمن ذلك. و على كل حال بدلا من النظر الى نصف الكأس الفارغة يمكننا النظر الى النصف الممتلئ وتشجيع الرئيس للبحث عن انطلاقة جديدة مع حلفائنا في محاولة للحصول على الدعم الذي نحتاجه للنجاح في العراق.

فللرئيس الفرصة الآن للقيام بذلك، واذا ما قارب هذه الفرصة بروح تعاون مميزة وبالتعامل مع حلفائنا، فسيتمكن من نيل دعم الديمقراطيين والجمهوريين وبالتالي كل الاميركيين لانه في الواقع علينا ان ننجح في العراق. اذ لا يحق لنا ان نفشل.
لن تكون أي دولة آمنة اذا غرق العراق في الفوضى واذا اصبح واحة للارهابيين. فما مضى قد مضى، ولدينا الآن رئيس لولاية ثانية يملك الكثير في رصيده السياسي وآمل ان يستخدمه في الداخل والخارج. وبالمثل ومع احترامنا لايران علينا القول انها تشبه الى حد كبير المكان الذي كان يشكله العراق في نظر الكثيرين في الادارة.
دولة يديرها نظام، لديه حلفاء ارهابيون، تعمل على تطوير اسلحة نووية واسلحة دمار شامل تشكل خطرا فعليا.
ان دولة ايران المجهزة نوويا ستهدد الامن الدولي كما يمكن لهزة بدرجة 7 على مقياس ريختر ان تهدد بلدا"، فلم تعد أي دولة تشعر بالأمان والواضح ان اسرائيل ستشعر بالتهديد ولكنها لن تكون بمفردها. اننا واصدقاؤنا في المنطقة وحتى في أوروبا نشعر بالقلق من قدرة الأيرانيين على انتاج الأسلحة النووية. لذا علينا ان ندعم اكثر الحوار الاوروبي الايراني فلا بديل عن التزامنا عندما تكون المخاطر عالية.
الا انه علي أن أفهم موقف الادارة تجاه انظمة مختلفة تماما عنا مثل كوريا الشمالية او ايران . ان هذه الانظمة تعتقد انها بتجاهلها او برفضها التوجه نحو أي تحرك يخرجنا من هذا الطريق المسدود وبارتباطها بمبادئها الاساسية تعتقد انها تدخلنا بحرب باردة كالتي حصلت مع الاتحاد السوفياتي. كان لديهم حكام يقولون انهم سوف يبيدوننا. كان لديهم اسلحة نووية موجهة الى مدننا. حان الوقت لهذه الادارة ان تلتزم اكثر في حوار مع الايرانيين وعلينا ان نشدد على ان النتائج ستكون مؤلمة ان ثابروا في تطوير السلاح النووي. فاذا اصبحوا اكثر التزاما و استطعنا التوصل الى وفاق حول تلبية حاجاتهم من الطاقة يمكن عندئذ ان يكون لهم مستقبل افضل، في حال رغبوا في التنازل عن تطوير اسلحتهم النووية. وعلينا ان نعي ان المشاورات الدبلوماسية لا يجب ان تصبح تغطية لمواصلة ايران تطوير برنامجها النووي. فلا بد لكل معالجة من تقييم للمخاطر. لكني لا ارى في المستقبل القريب خيارا" آخر سوى العمل مع حلفائنا لاقناع ايران بتغيير مسارها. وفي مجال آخر حيث تلعب اوروبا دورا مهما علينا تشجيعها على دعوة تركيا لتشارك في المحادثات المرتبطة بدخولها الى الاتحاد الاوروبي. في بلدنا، لا تحظى تركيا بالاهتمام الذي تستحق بسبب دورها الاستراتيجي في المنطقة. فتركيا هي في الخطوط الأمامية لمحاربة التطرف الاسلامي كما ان مستقبلها مرتبط بمستقبلنا. وحيس تود الانضمام الى الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها حزب اسلامي يشكل تطورا بغاية الاهمية. فإن تم رفضها سيعتبر هذا الرفض اهانة للمسلمين كافة وسيكون أيضا عذرا للمتطرفين منهم يستعينون به في عمليات تقوية الأصولية.


واود ايضا التحدث عن لبنان الذي تمكن من ان يتطور وخاصة على الصعيد الاقتصادي. ان صندوق النقد الدولي منح لبنان على اصلاحاته الضريبية وهيكلة الدين كما ان لبنان استعاد دوره الثقافي المشهود. فعادت بيروت محط انظار السواح لكنها ما زالت في منطقة حيث يرتبط قدرها بقدر جيرانها. فاذا كانت الحدود تفصل بين دول الشرق الاوسط الا ان قدر كل واحدة منها يبقى مرتبطا بالأخرى. فلبنان يتأثر بتطور النزاع الاسرائيلي الفلسطيني كما بما يحدث في العراق وايران وتركيا كما ان لبنان سيتأثر في حال قررت سوريا واسرائيل العودة الى حل النزاع بينهما. فنتمنى للبنان ولجميع شعوب العالم مستقبلا" آمنا"، ديمقراطيا"، متعددا"، مستقلا"، حرا" ومزدهرا".
هذه هي امنيتنا وهذا يجب ان تكون هدف السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط. وبمساعدة مؤسسات كمركز فارس يمكننا ان نجعل من هذا الحلم واقعا. اننا على مفترق طرق ورغم ان الولايات المتحدة غير قادرة على فرض حل للنزاعات في الشرق الاوسط لا يجدر بنا ان نتراجع. يجب ان نلتزم مجددا وان ندعو من جديد من الى حل سلمي لهذه المشاكل لتأمين الامن والاستقرار والازدهار لهذه المنطقة ولبلدنا. لذا آمل ان تستعمل الولايات المتحدة قوتها ونفوذها بحكمة في هذا الوقت الحرج. فيمكن ان تكون النتائج هائلة كما ويمكن ان تكون سيئة للغاية. خلال العامين الماضيين تم التحضير للانتخابات فدار النقاش والجدل حولها. امضينا وقتا كثيرا للتحدث عن حرب فيتنام كما اننا اطلنا الحديث عن النزاع العراقي لكننا لم نتحدث كفاية عن التحديات الطويلة الامد التي نواجهها وعن ما نحتاجه لكي تكون الولايات المتحدة اقل ارتباطا وخضوعا لمصادر الطاقة في الشرق الاوسط. وآمل وبعد انتهاء الانتخابات ان نعود الى حوار جدي كما آمل ان تسلك الادراة الواقعية في تعاطيها بالمنطقة وغيرها من المناطق وليس الايديولوجية والزبائنية. فلن نساعد انفسنا كما لن نساعد المنطقة ان تجاهلنا الواقع وحاولنا فرض ما يتناسب مع رغباتنا.
فيكون الاستحقاق الثاني فرصة مهمة واعلم ذلك بعد النظر الى الولاية الثانية لادارة الرئيس بيل كلينتون نعم هناك نهاية لكل عهد. وامنيتي كمواطنة اميركية متخطية الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري الولايات الحمراء والولايات الزرقاء ان نحظى بسياسة تخدم مصالح بلادنا وتؤدي بمنطقة الشرق الاوسط نحو الأمل. اعتقد انه يمكننا تحقيق ذلك وانه قد حان الوقت لاعادة التجربة.

وجرى حوار مع الحاضرين تم التطرق خلاله الى شؤون اميركية داخلية اقتصادية واجتماعية.

وبعد ذلك، اقام رئيس جامعة "تافتس" الدكتور باكو وعقيلته مأدبة عشاء احتفالية على شرف السيناتور كلينتون والرئيس فارس شارك فيها سياسيون وديبلوماسيون وإعلاميون واكاديميون. وخلال العشاء، قدم رئيس وطلاب الجامعة للرئيس فارس لوحة تقديرية لجهوده واسهاماته في تشجيع النشاطات الفكرية والاكاديمية في الجامعة، موقعة من جميع طلاب الجامعة.